النازحون السودانيون.. رقم جديد في معادلة بيئة العمل بمصر
عقب استقبال ما يزيد على 60 ألف لاجئ
هروبا من الرصاص المتطاير وألسنة نيران المعارك ورائحة الدماء، نزح آلاف السودانيين من منازلهم خلال الأيام الماضية إلى دول الجوار، أملا في إنقاذ حياتهم.
وفي 15 إبريل الماضي، شهد السودان نزاعا مسلحا أسفر عن اشتباكات دامية بين القوات المسلحة السودانية التي يقودها عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع تحت قيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وتعد مصر (تقع شمال السودان) من أكثر دول الجوار استقبالا للاجئين السودانيين، إذ استقبلت حتى الآن ما يزيد على 60 ألف لاجئ، وفق تقديرات المنظمة الدولية لشؤون اللاجئين.
وتقول المنظمة الأممية، إن أعداد اللاجئين بلغت حتى الآن نحو 110 آلاف شخص، بينما هناك ضعف هذا العدد على الأقل قد نزح إلى مدن أخرى داخل السودان.
وبحسب التقديرات الرسمية، تستضيف مصر أكثر من 288 ألف لاجئ من عدة دول، أبرزها سوريا والسودان ودولة جنوب السودان وفلسطين وغيرها.
وتحذر الأمم المتحدة من النقص الموجود حاليا في التمويل المطلوب لدعم اللاجئين السودانيين، إذ يقدر برنامج الغذاء العالمي، حجم الميزانية المطلوبة بنحو 127 مليون دولار أمريكي لتوفير الإمدادات الكافية للأشهر الستة المقبلة.
وأدى انخفاض سعر صرف الجنيه السوداني مقارنة بنظيره المصري، إلى تخفيض القدرة الشرائية للنازحين من الجنوب، الأمر الذي يضيف رقما جديدا في معاناتهم الحياتية.
وتسعى بعض المنظمات الدولية العاملة في مصر، إلى تقديم المساعدات للسودانيين النازحين لتوفير الإيواء والمساعدات الغذائية والطبية والنفسية والتعليمية وغيرها.
ويأتي ضمن أبرز هذه المنظمات، المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) التابعة للأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC)، ومنظمة الهلال الأحمر المصري، إضافة إلى عدد من المنظمات الأهلية المصرية.
سلاح ذو حدين
وكشفت تقارير إعلامية، أن تزايد أعداد اللاجئين السودانيين في مصر سلاح ذو حدين، فمن ناحية يمكن أن يكون عبئاً كبيراً على الاقتصاد المصري لا سيما في قطاعي الصحة والتعليم، أو يكون رقما إضافيا مميزا في بيئة العمل بالبلاد.
بدوره قال الصحفي المصري أحمد الجمال، المهتم بالشؤون السودانية والإفريقية، إن تشجيع اللاجئين السودانيين على استخدام مهاراتهم وخبراتهم في سوق العمل المصري، من شأنه توفير فرص وظيفية وتسهيل إجراءات الحصول على تصاريح العمل، ما يمثل دعما للاقتصاد المصري.
وأوضح الجمال في تصريح لـ"جسور بوست" أنه "يعتبر توافد السودانيين إلى مصر في الفترة الأخيرة أمراً يتطلب التعاطف والتضامن مع الأشقاء، وبالتالي يجب توفير الدعم اللازم لهم لتجاوز المحنة والاستفادة من وجودهم بشكل إيجابي في البلاد".
وأضاف: "يمثل السودانيون قوة عمل هامة في العديد من المجتمعات العربية التي يوجدون فيها، بما في ذلك المجتمع المصري، ويمكن تعزيز الاستفادة من خبراتهم ومهاراتهم في مختلف المجالات، أبرزها الزراعة والصناعة والخدمات والمجالات الأكاديمية وغيرها".
وتابع: "إن توفير فرص العمل والتدريب والتعليم للسودانيين النازحين إلى مصر، من شأنه دعم الاقتصاد وتعزيز فرص التعاون والتنمية المشتركة بين البلدين".
وأكد الجمال أن الحكومة المصرية تحتاج إلى تعزيز التشارك والتشبيك مع المنظمات الدولية خلال المرحلة المقبلة، لتقديم المساعدات إلى النازحين من خلال توفير الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية وتقديم المساعدات اللازمة.
ومضى قائلا: "تلك الجهود الإنسانية التي تقدمها مصر، من شأنها تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين واستتباب الأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها".
واختتم حديثه مؤكدا أن "تحسين أوضاع اللاجئين السودانيين في مصر وحماية حقوقهم المشروعة يعود بالفائدة على المجتمع المصري بشكل عام، ويعزز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي ويعمل على تعزيز العلاقات الدولية والتعاون الإنساني".
أرقام وإحصاءات
وقبل 3 أسابيع، فتحت مصر أبوابها لدخول السودانيين إلى أراضيها، بعد نشوب معارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أدت إلى مقتل المئات وإصابة الآلاف.
وأعلنت الخارجية المصرية أنه تم تسهيل عبور أكثر من 16 ألف من غير المصريين إلى داخل مصر، من بينهم أكثر من 15 ألف سوداني ونحو ألفي أجنبي من 50 دولة و6 منظمات دولية.
ويوجد الهلال الأحمر المصري على منافذ عبور العائدين من السودان، لتقديم خدمات إنسانية وإغاثية، بجانب الخدمات الطبية من خلال العيادات المتنقلة، والوجبات الجافة وغيرها.
وقدرت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، إجمالي عدد السودانيين المقيمين في مصر بنحو 4 ملايين سوداني، يتمركز نحو 56 بالمئة منهم في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية ودمياط والدقهلية.
ولا توجد في مصر مخيمات للاجئين مثل بعض الدول العربية، حيث يندمج الكثير منهم في مختلف بيئات العمل ويتلقى خدمات التوظيف والتعليم والصحة وغيرها.
وعدد قليل من اللاجئين المقيمين في مصر يعيشون على الدعم المالي الذي يتم منحه إليهم من قِبل المفوضية العامة لشؤون اللاجئين ومقرها مصر، عن طريق المعونات الغذائية أو المالية.
فيما يتوغل العديد منهم في الوظائف الحيوية، لا سيما في مجالي الاستثمار الزراعي والغذائي، إضافة إلى إقامة المشروعات الكبرى.